الحمد الله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:أيها الإخوة الكرام! تأتي هذه الحلقة تتمة لما تقدم من الحديث عن نشأة الحضارة, وبداية التاريخ, واختلاف المناهج البحثية والعلمية في ذلك.الذي نريد أن نؤكده في هذا الحلقة وفي غيرها هو:
أن المركزية التي يدعيها الفكر الغربي، أو كثير من الباحثين الغربيين للحضارة الغربية، أو للأصول اليونانية للحضارة؛ لا تقوم على أي أساس علمي, وبالتالي هناك مجموعة من الحقائق الدينية والتاريخية والعلمية، ومجموعة أيضاً من التقاليد ومن الأساطير، كل ذلك يُكوِّن لدى البشرية جميعاً -ولكل مطلع باحث من أي جنس من أي بلد- أن كل الحضارات ترجع إلى أصل واحد, وإلى منبع واحد، كما أن كل الجنس البشري يرجعون إلى أسرة واحدة وأم وأب, أي: آدم و حواء عليهما السلام.وحدة الأصل الحضاري للبشرية حقيقة يمكن أن نقدم عليها أدلة كثيرة, ونماذج كثيرة جداً من غير الخوض في التفاصيل الدقيقة والعميقة؛ لأن المقصود هنا: إعطاء إخواننا المشاهدين فكرة عامة مجملة، وعندما نتعرض لذلك ونشير إلى المصدر المعصوم من الخطأ؛ وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة؛ فإنما نشير إلى ذلك لكي نوضح أن المنهج القرآني نفسه إنما يقوم على إعطاء هذه الحقائق كإشارات عامة مجملة، والخوض في التفاصيل يترك للجهد البشري وللبحث البشري وللتنقيب البشري، كما سوف نرى أهمية ذلك في موضوعنا اليوم, وهو موضوع الحضارة في بلاد اليمن , أو في جنوب الجزيرة العربية.